خــاص
في احتفالية “النصر” في جزين، قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل: “إنّ التيار الوطني الحر حاضر لاسترداد مقاعده النيابية في قضاء جزين بعد عام بالتمام والكمال”.
بهذا التصريح، يكون باسيل قد قصّ، باكرًا، شريط المعركة النيابية في قضاء جزين، متأثرًا بنتائج انتخابات بلدية جزين والقرى الأخرى في القضاء، التي حقق فيها التيار نتائج لافتة.
لكن قراءة المشهد بصورة شاملة تُظهر أن خصوم التيار، ولا سيما القوات اللبنانية، قد حققوا بدورهم نتائج جيدة ضمن القضاء. ولا يمكن الجزم، استنادًا إلى النتائج، بأن فريقًا تفوّق بشكل حاسم على الآخر. فالأرقام بين المرشحين الستة الأواخر – ومن بينهم خمسة فائزين من مرشحي التيار – قريبة جدًا من أرقام المرشحين الخمسة الأوائل من اللائحة المقابلة الذين لم يحالفهم الحظ. ما يمكن قوله هو أن الفريقين المسيحيين يمتلكان حيثية شعبية متقاربة مع فروقات طفيفة، ويتنافسان على استقطاب المزيد من الجمهور. وتبقى كلمة السر في التحالفات.
حتى اللحظة، يبدو أن التيار قد رسم ملامح تحالفاته النيابية المقبلة في جزين، حيث سيكون إلى جانب النائب إبراهيم عازار، بعد فوزهما المشترك في بلدية جزين (10 أعضاء محسوبون على عازار، 5 على التيار، و3 مستقلون، بينهم رئيس البلدية الجديد دافيد الحلو). وبناءً على الأرقام المحققة، يمكن القول إن التيار وعازار ينطلقان من قاعدة شعبية مريحة، لا سيما إذا ما وُضع في الحسبان إمكانية استقطاب قوى فاعلة في صيدا – الشريك في الدائرة الانتخابية – مثل حزب الله.
تلوح في الافق معركة كبيرة في جزين، تعد التحالفات أساساً فيها، وقد تشهد على تغيرات ربطاً بالمشهد الذي ساد خلال إستحقاق 2022.
كما يمكن القول إن ترسبات الماضي، ومنها صورة التيار كـ”حزب العهد”، بالإضافة إلى تأثيرات انتفاضة 17 تشرين، قد تراجعت إلى حدٍّ كبير، ما يصبّ في مصلحة التيار. وبالتالي، لن يجد خصومه التقليديون، كالنائب أسامة سعد، حرجًا في التحالف معه.
من جهة أخرى، تُعد القوات اللبنانية الطرف المعزول نسبيًا في دائرة صيدا – جزين على المستوى النيابي. فما تحقق عام 2022 ليس بالضرورة قابلًا للتكرار في 2026، خاصة مع ارتفاع احتمال عودة تيار المستقبل إلى ساحة المنافسة. ومن المرجح أن المستقبل لن يتحالف مع القوات اللبنانية، نظرًا للمآخذ التي يُسجّلها عليها، كما أنه ليس مضمونًا أن يكون إلى جانب التيار الوطني الحر. ومع ذلك، فإن خسارة القوات لتحالفٍ محتمل مع المستقبل ستكون أثقل وقعًا من خسارة التيار لمثله، خصوصًا أن التيار ضمن مسبقًا مجموعة من التحالفات الأساسية في الدائرة.
لكن، لا توجد ضمانة بأن تحالف التيار – عازار سيتمكن من حسم المقعدين المارونيين على اللائحة، واللذين يُفترض أن يكونا من نصيب إبراهيم عازار وأمل أبو زيد، وذلك بسبب تعقيدات الحواصل وتجيير الأصوات التفضيلية.
الحرب، إذًا، على المقعدين المسيحيين في دائرة جزين قد انطلقت قبل نحو عام من موعد فتح صناديق الاقتراع. ومن الآن وحتى ذلك الحين، من المرجح أن تشهد جزين معركة شرسة، قد لا تُستثنى منها حتى “الأسلحة المحرّمة”.